العقوبات والواقعية وفائض القوة..
حزيران 02, 2023

صلاح سلام

الكلام الأميركي عن فرض عقوبات على المعرقلين للإنتخابات الرئاسية من السياسيين والنواب، ليس مجرد تهويل، بقدر ما هو خطوة متفق عليها بين دول اللقاء الخماسي، في حال إستمرت الخلافات بين الأطراف السياسية اللبنانية، وما تفرزه من مناورات لتعطيل جلسات الإنتخاب، من الفريق الذي لا يلتزم بأصول اللعبة الديموقراطية.

ويبدو أن زيارات السفراء إلى القيادات اللبنانية، وما تخللها من عمليات حثّ، وضغوط مختلفة، لم تعطِ النتائج المتوخاة منها، حيث مازالت الجلسات النيابية مُعلّقة،

ورؤساء الكتل والأحزاب يتبادلون التراشق بتهم التعطيل، والتوافقات بينهم لم ترقَ إلى مستوى التفاهمات الإقليمية وما تحمله من معطيات جديدة، ومتغيرات أساسية، فضلاً عن التعاون والتنسيق القائم بين عواصم اللقاء الخماسي في الملف اللبناني.

ومسارعة خطوات المعارضة المشرذمة إلى التمركز على بعض النقاط المشتركة في ما بينها، خاصة بعد إتساع دائرة تبني ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، يوحي بأن الكلام الأميركي عن العقوبات قد أُخِذ على محمل الجدّ، إلى جانب تأكيد الرئيس نبيه بري بأن مجلس النواب لم ولن يُقفل أبوابه أمام جلسات الإنتخاب الرئاسية.

وفي حال مضى رئيس التيار العوني قدماً، وحتى النهاية في توحيد خياره مع المعارضة، والإلتزام بتبني ترشيح أزعور، تُصبح الأنظار متجهة إلى الثنائي الشيعي، وخاصة حزب الله، ورصد حركته بإتجاه جلسة الإنتخاب: هل يكتفي بتأمين النصاب وتعطيل الإنتخاب في الجولة الثانية، كما حصل في الجلسات السابقة، أم يتقبل خوض المعركة بالمرشح الذي يدعمه الوزير السابق سليمان فرنجية، حسب الأصول الديموقراطية، ويتعامل مع نتيجة الربح أو الخسارة بواقعية، بعيدة عن إعتبارات «فائض القوة»، التي كانت تتحكم بقراراته في فترة المواجهة الإقليمية، وقبل حلول التفاهمات مكانها بعد الإتفاق السعودي ــ الإيراني في بكين.

الواقع أن تصريحات بعض المسؤولين الحزبيين توحي بشيء من الواقعية السياسية المستجدة،عندما يقولون هذا مرشحنا وأطرحوا مرشحكم ولنذهب إلى التصويت في مجلس النواب. ولكن خطابات مسؤولين آخرين تكرر الطروحات المتشددة عندما يؤكدون التمسك بمرشح الحزب، وإلا ليتنظر الفريق الآخر إنتهاء الشغور الرئاسي أشهراً طويلة.

بين التهديد بالعقوبات وإستمرار الخلافات..، هل يكون التوافق على الإحتكام للتصويت في مجلس النواب، هو المخرج الديموقراطي الذي يحفظ كرامة الجميع، في حال إعتماد هذه الواقعية السياسية.

المصدر: اللواء.

الآراء الواردة في المقال تعبّر عن رأي صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق نيوز".