صلاح سلام
عيون اللبنانيين شاخصة هذه الأيام إلى
متابعة تطورات المعارك المتسارعة في سوريا، وإحتمالات تداعياتها على لبنان، في الوقت
الذي ما زالت
ممارسات الإحتلال الإسرائيلي في القرى الجنوبية الأمامية، تثير الكثير من القلق على
عودة الأهالي إلى بيوتهم في المنطقة، بعد عمليات الجرف المتعمدة للمنازل والبنية التحتية
والأراضي الزراعية.
ثمة حذر لبناني من إمكانية وصول المعارك
في الشمال السوري إلى الحدود اللبنانية، وما يعنيه هذا الإحتمال من دخول مسلحي التنظيمات
المتطرفة إلى لبنان مرة أخرى، وإعادة مشهد وجود جبهة النصرة، وجماعة داعش في جرود عرسال،
والمواجهة التي حصلت مع الجيش وقوى الأمن الداخلي، وأدت إلى سقوط عدد من العسكريين
شهداء الإنتقام الداعشي.
تعزيز وجود الجيش اللبناني على الحدود
مع سوريا، جاء في وقت أحوج ما تكون فيه المؤسسة العسكرية إلى التعداد البشري الضروري،
لتأمين إنتشار الجيش في جنوب الليطاني، والقيام بالمهام الموكلة إليه بموجب القرار
١٧٠١ وإتفاق وقف العمليات الحربية، الأمر الذي زاد من الضغوط الأمنية التي تتعرض لها
المؤسسة الوطنية، في ظروف محلية وإقليمية بالغة التعقيد، وفي ظل أوضاع مؤسساتية حرجة
وغير مريحة، تحيط بأوضاع الجيش، ضباطاً وجنوداً، منذ وقوع الإنهيار المالي قبل خمس
سنوات.
ورغم أن المعركة المحتدمة في سوريا
بين النظام وحلفائه من جهة، والمعارضة المسلحة، بمختلف فصائلها، تتجاوز الجغرافيا السورية،
إلى الفضاء الإقليمي، والأدوار الحالية لكل من إيران وتركيا، وروسيا والولايات المتحدة
الأميركية من جهة ثانية، فإن الدخول الإسرائيلي على خط الأحداث في سوريا، يستغل هذه
التطورات للمساهمة في ضرب الوجود الإيراني في الخاصرة السورية، وبالتالي وقف الإمدادات
الصاروخية الإيرانية إلى حزب لله في لبنان.
وكالعادة، عمد العدو الإسرائيلي إلى
الإستفادة من النيران المشتعلة في سوريا، وانشغال أطراف إقليمية ودولية بمسارها، بتعزيز
مواقعه في القرى الجنوبية المحتلة، وفرض أمر واقع جديد، لم يتمكن من تحقيقه إبان المعارك
العسكرية، ليس لتقوية أوراقه في جولات التفاوض عبر اللجنة الخماسية وحسب، بل وإيضاً
بمحاولة مكشوفة لإقامة منطقة منزوعة من السلاح، وخالية من السكان، على حساب تدمير قرى
«الحافة الحدودية» اللبنانية، وخنق كل إمكانيات عودة الحياة إليها.
لبنان أمام خطرين داهمين: الإحتلال
الإسرائيلي جنوباً، والتطورات العسكرية السورية شرقاً وشمالاً، والدولة اللبنانية في
حالة غيبوبة متفاقمة، بسبب الشلل الذي يضرب شرايين المؤسسات الدستورية، والخلافات المستحكمة بين الأطراف السياسية، التي تحول دون
التوصل إلى توافق حول الحلول الوطنية الإنقاذية.
المصدر: اللواء.
الآراء الواردة في المقال تعبّر عن
رأي صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق نيوز".