بعيداً عن رعد التهديد وبرق الترهيب…
أيار 18, 2022

صلاح سلام    

معارك الإنتخابات وضعت أوزارها، والخطابات الشعبوية أدت مهمتها، ولا بد من طي صفحة المزايدات، والعودة إلى قواعد العقل والمنطق من قبل الجميع، بهدف العمل المشترك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الدولة المستنزفة والبلد المنكوب.

أثبتت التجارب المريرة التي دفع اللبنانيون أثمانها الباهظة، أن التخاطب بلغة التحدي والإستفزاز يزيد الخلافات تعقيداً، ولا يساعد على إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل العويصة، خاصة في مثل حالات التدهور والإنهيار التي يمر بها لبنان، والتي وصلت إلى مستوى من التردي غير مسبوق في العهود الإستقلالية الأخرى.

وإذا كان المطلوب من قوى المعارضة ونواب التغيير إعتماد خطاب أكثر واقعية في طروحاتهم السياسية، فإن حزب الله مُطالب أكثر منهم بالتخلي عن ممارسات فائض القوة، والتواضع في التعاطي مع الشركاء في الوطن، والاستماع، على الأقل، للرأي الآخر، والتخلي عن أساليب الزجر والتخوين لكل من يخالف مواقفه، أو لكل من ينتقد هيمنته على مفاصل القرار في الدولة المتهالكة.

كلام النائب محمد رعد غداة إعلان نتائج الانتخابات التي أسقطت الأكثرية من يد الحزب ومحور الممانعة، ليس مقبولاً ولا علاقة له بالمناخ الديموقراطي الذي أشاعته العملية الإنتخابية، فضلاً عن أنه يتجاهل بفظاظة تركيبة لبنان التعددية حزبياً، والمتنوعة سياسياً.

مسارعة النائب رعد إلى شهر سلاح الترهيب، والتهديد بالثبور وعظائم الأمور، لا يخدم أجواء التهدئة والعبور إلى الإستحقاقات الدستورية والإصلاحية الداهمة بالسلاسة المطلوبة، وبأكبر قدر من التفاهمات بين مختلف الأطراف في مجلس النواب. ولا نخال أن ثمة مصلحة للحزب في توتير الأوضاع الأمنية، أو في إهتزاز حبال الإستقرار الهش في البلد، وصولا إلى التلويح بحرب أهلية.

لا داعي للتكرار دائماً بأن لا أحد يستطيع أن يُلغي أحداً في لبنان. ولا أحد يستطيع أن يفرض سيطرته ولا سطوته على الأكثرية الساحقة من اللبنانيين، مهما بلغت قدرته، ومهما فاضت قوته. ويبقى الحوار هو السبيل الأول والأخير لمعالجة الخلافات المستعصية، وفي مقدمتها مسألة سلاح الحزب والإستراتيجية الدفاعية، وذلك بعيداً عن رعد التهديد وبرق الترهيب!

المصدر: اللواء.

الآراء الواردة في المقال تعبّر عن رأي صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق نيوز".