تركيا والشرق أمام لحظة تاريخية غير مسبوقة !
تموز 13, 2025

*أحمد رمضان

‏٤٠ ألف ضحية خلال صراع استمرّ ٤٧ عاماً، وكان هدفه إنهاك تركيا والمنطقة لحساب قوى خارجية، وأهم ضحاياه شعوب المنطقة، الكرد والترك والعرب!

‏ما أنجزته تركيا الآن بقيادة الرئيس أردوغان، حدثٌ تاريخي، سيغيِّر شكل الشرق، ويؤسس لعلاقات استراتيجية بين مكوّنات منطقة قامت عليها أركان الدولة الجامعة لقرون.

‏سحب ورقة العنف والإرهاب، لصالح المشاركة السياسية، سيتبعُه دستورٌ جديد، وتحالف موسع يقود الدولة لعقد آخر، وتغيير جيوسياسي في الإقليم، وأهم المتأثرين ستكون سورية التي ستُنهي ورقة شرق الفرات، التي تحكمها ميليشيا تتبع حزب PKK، وستنتهي هي معه، وكذلك العراق، الذي سيرتاح من استخدام أراضيه لمهاجمة تركيا، إضافة لكامل الإقليم، حيث ستُفتح طرق التجارة دون عوائق، ويتم تمديد خطوط نقل الطاقة والاتصال.

‏ملامح المرحلة المقبلة ستكون عناوينها كالآتي:

* كل دولة في الإقليم كي تنجح وتعبر المرحلة، ستجري إصلاحات سياسية توسِّع هامش المشاركة، وتضمن حراكاً سياسياً في الداخل، بدل العمل من الخارج، مما ينعكس إيجاباً على الاستقرار السياسي والاقتصادي.

* قوى ما دون الدولة، عليها أن تجتهد لدخول الدولة والتعامل معها من الداخل، والأطراف التي ترفض ذلك، سيتم شطبها من المعادلة بطرق خشنة أو ناعمة.

* قوى ما دون الوطنية (تتبنى العنف العابر للحدود) سيتم تفكيكها، وتحييد رؤوسها، ولا يسمح لها بأي تحرك، أو الحصول على دعم.

‏سنلاحظ في هذا السياق، تفكيك الحشد الشعبي (العراق)، الحوثي (اليمن)، حزب الله (لبنان)، التيار المدخلي (ليبيا)، ميليشيا قسد (سورية)، الحرس الثوري (إيران )، حزب العمال PKK (تركيا)، الدعم السريع (السودان)، وحركة الشباب المجاهدين (الصومال).

‏على صعيد الدول سيتم إنهاء/أو تغيير في طبيعة النظام السياسي أو الجغرافيا السياسية لثلاث دول في الإقليم:

‏٠ الدولة الفاشلة، التي تعجز عن إعادة هيكلة أنظمتها وعدم تحديث سياستها، وتتسبب في هجرة الكفاءات منها، ويزداد دَيْنُها، وتقل مساهمتها في الاقتصاد العالمي!

‏٠ الدولة الريعية، التي تعيش على المساعدات، وهذا باب يخضع للمراجعة، وستصبح شروطه صعبة، ولن تحصل فيه الدول على معونات إلا بشق الأنفس، بسبب الضغوط التي تعاني منها اقتصاديات الدول الكبرى.

‏٠ الدولة الوظيفية، التي أنشئت لدور وظيفي، أو تكيَّفت لاحقاً مع دور وظيفي، ولكنها فقدته بسبب المتغيرات، وهي إما أن تُجدد دورها الوظيفي، أو يتم تفكيكها، وتغيير طبيعة نظامها السياسي.

‏الشرق الأوسط، يضم أنماط الدول الثلاث، ولذا فإنه سيتعرض لخضَّات كبيرة بين حينٍ وآخر، في ظل فقدان المناعة الداخلية، وعدم وجود مشاركةٍ شعبية مؤطرة في النظام السياسي، وتداخل المهام والوظائف، وتزايد الضغوط الخارجية!.

‏شعوب الشرق بوسعها اغتنام الفرص المتاحة، وإعادة بناء دولها على نحو حديث، عبر آليات التعاون والعدالة، وحماية حدودها من التدخلات، وإنْ لم تفعل فإن قرناً آخر قد يمضي في ظل انكفاء حضاري، وعجز استراتيجي، واضطراب سياسي، وتردٍّ اقتصادي!.

*رئيس مؤسسة مدى للرؤية الاستراتيجية

الآراء الواردة في المقال تعبّر عن صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق نيوز".