خطأ الساعة لا يُعالَج بخطأ أكبر..
آذار 28, 2023

صلاح سلام

وكأنه كان ينقص البلد هذا الخلاف المتأجج بكل ألوان الطائفية البغيضة، حول مسألة هي في كل بلاد العالم من المسلمات، التي لا تحتاج إلى مجرد الحديث عنها، ولا إلى الوقوف عندها.

لا بد من التأكيد أولاً أن مسألة تأخير التوقيت الصيفي إلى نهاية شهر رمضان المبارك، لا تعني للمسلمين شيئاً، لأن شرعية الصيام تقوم على شروق الشمس وغروبها، بغض النظر عن تقديم الساعة أو تأخيرها، ومن دون النظر إلى توقيت الساعات صباحاً أو مساءً.

في بلدان أوروبية وكندا وبعض الولايات الأميركية تطول فترة الصيام إلى الساعة العاشرة مساء في فصل الصيف، أي إلى حين غروب الشمس في تلك البلدان، حيث تتراوح ساعات الصيام بين ١٦ و١٨ ساعة. في حين أن بعض البلدان المجاورة لأستراليا في القارة الأوقيانية تصوم ٦ ساعات فقط نظراً لقصر الفترة الفاصلة بين شروق الشمس وغروبها.

قرار تأجيل الدوام الصيفي لا علاقة له بشهر رمضان، وقد يكون قرارا خاطئا، أو لم يُدرس كفاية على الأقل، ولكن الحكمة والروح الوطنية تقتضي أن لا يُعالج الخطأ بخطأ أكبر منه، كما حصل في الخطاب الإستفزازي للنائب جبران باسيل، الذي وصف فيه شركاءه في الوطن المسلمين، وبكل صفاقة بـ«المتخلفين والرجعيين»، ليؤجج المشاعر الطائفية، ويُشعل نار الفتنة، سعياً وراء مكاسب شعبوية سرعان ما تتلاشى بمجرد أن يذوب الثلج الطائفي ويظهر مرج الحقيقة الوطنية الساطعة.

وكان من الطبيعي أمام حملة المزايدات التي فجرها باسيل، أن تدلوا أحزاب مسيحية أخرى، مثل القوات والكتائب، بدلوها ضمن حدود الإنتقاد السياسي طبعاً، ولكن ذلك لم يحل دون أن تأخذ المواجهة طابع التنافس الطائفي اللعين.

ولكن المفاجأة الأخطر تمثلت بإنضمام مرجعيات دينية مسيحية إلى هذه الحملة المحمومة، الأمر الذي فاقم اللون الطائفي على خلاف تافه، جعل من لبنان مسخرة الإعلام العربي والغربي، وحوّل صيغة «وطن الرسالة» إلى مهزلة يتنّدر فيها القريب والبعيد.

عادت الساعة إلى التوقيت الصيفي، ولكن يبقى الأهم أن تهدأ إنفعالات ساعات الجنون قبل فوات الآوان!

المصدر: اللواء.

الآراء الواردة في المقال تعبّر عن رأي صاحبها ولا تعبّر عن "آفاق نيوز".