*د. خالد الحاج
تغيّرت الرواية الإيرانية الرسمية بالكامل.
فبعد أيام من النفي والتقليل من شأن الضربات، خرجت طهران
اليوم لتعترف صراحةً بأن منشآتها النووية – وعلى رأسها فوردو – تعرّضت لأضرار
"جسيمة" أصابت البُنى التحتية الحساسة في العمق.
السؤال البديهي: لماذا تغيّرت الرواية فجأة؟
الجواب بسيط ومعقّد في آنٍ واحد:
استمرار الإنكار كان سيخدم السردية الإسرائيلية، ويمنح
تل أبيب غطاءً إضافيًا لتبرير جولة ثانية من الهجمات. لذلك، قررت طهران التراجع
خطوة إلى الوراء، والاعتراف بالخسائر، في محاولة لاحتواء التصعيد… وتأجيل الحرب.
لكن الأهم من الرواية، هو السياق.
الواضح ان الضربات الأميركية لم تكن عشوائية، بل محسوبة
بدقة: الهدف لم يكن تدمير المشروع النووي أو إشعال كارثة نووية في الشرق الاوسط،
بل تعطيله، وفرض سقفٍ زمني جديد عليه، ضمن رؤية أوسع تُطبخ بهدوء في واشنطن وتل
أبيب.
بعيدًا عن التصريحات الإيرانية، ما يتّضح أكثر فأكثر أن
هناك خطة مشتركة أميركية-إسرائيلية تسير بخطى ثابتة، هدفها ليس فقط وقف تخصيب
اليورانيوم، بل إحداث تحوّل جذري في بنية النظام الإيراني نفسه، عبر سلسلة ضربات
استراتيجية تؤدي إلى تسليم اليورانيوم المخصب، وإقفال البرنامج النووي.
ولا حديث عن "نظام إيراني جديد" قبل تحييد حزب
الله في لبنان، وتفكيك ذراع الحوثي في اليمن.
المشهد الإقليمي يُعاد تشكيله، لا بالاوراق والرد على
الاوراق… بل بالنار، والخطط الاستراتيجية المدروسة...
*مختصّ بالشأن الإيراني
الآراء الواردة في المقال تعبّر عن صاحبها ولا تعبّر عن
"آفاق نيوز".